ياقاتلا قلبي بقلم المهندس نواف عبد العزيز ابو عبادة
مَــزَّقــتَــنـي مـن دفـتــر الـحــســبـــانِ
و زرعـتَ طـيـفـي فـي رُبـى الـنـسـيــانِ
فـكـأنَّـنـي حـيٌّ كَــمَــيْــتٍ ، صــورةً
أو أنــنـــي قــلــبٌ بـــلا خَـفَــقـــانِ
أو أنــنـي مَــيْــتٌ كَـحَـيٍّ ، ســـيــرةً
أو أنــنــي روحٌ بــــلا بُــنْــيـــانِ
أو أنـنـي طَــلَــلٌ بـغــيــرِ مَـعــالِــمٍ
أو أنــنــي نَــغَـــمٌ بــــلا ألــحــانِ
أرْبَـعْــتَ فـي رَوْضي تَـشَـمُّ أريـجَــه
تَـتَـنَـسَّــمُ الأنـفــاسَ مِـــنْ رَيْـحــانـي
تـتـخــيــرُ الأَفْــيـــاءَ بـيــن ظـلالِـــهِ
و تـطــوفُ تـقـطِـفُ زهــرةَ الأغــصــانِ
حـتـى إذا اسْـتَـرْوَحْــتَ فـي أرجـائـه
و نَـعِــمْــتَ بــيــن الــوردِ و الأفــنــانِ
و جـنـيـتَ قـبـل الـنـضـجِ بـاكـوراتِـه
و رتـعــتَ بـيــن الـيَـنْــعِ و الــريـعــانِ
و ظـنـنـتَ أنـه لـيـس ثـمـَّةَ مِـنْ جَنى
فـأفـلــتَ ثـمَّـــتَ تــاركــاً بــســتــانـي
و تَـخِــذْتَ ظِـهْــرِيًّــا فـؤادي سِـلـعَـةً
كَـسَـدَتْ فـلـيـســتْ تُــرْتَـجـى لأمــانـي
فـنـكـثـتَ عَـهْـداً كـنـتَ قـد أبْـرمْـتَــه
و كَـذَبْـتَــنــي و حَــنِــثْــتَ بــالأَيْــمــانِ
* * *
يـا قـاتـلاً قـلـبــاً طَـرَقْــتَ شِـغـافَــه
فَـحَـبــاكَ تـصــريـحــاً بــلا اسْـتـئــذانِ
ولَـكَـمْ شَــقـيـتَ لـكـي تـنـالَ مـودتـي
ولـكــم دعـــوتَ بـخــافـــقٍ و لـســانِ
حـتـى إذا أشـفـقـتُ منكَ على الهـوى
وعـلـيــهِ مــنــكَ جُــزيـتُ بـالـنُّـكْــرانِ
وحَـظـيـتَ لـمّــا أنْ أمِـنْـتُـكَ جـانـبــاً
مِــنّـــي بــعـــهــــدِ أمـــانـــةٍ و أمــانِ
أوْدَعْـتُ قـلـبـي فـي هـواكَ رهـيـنــةً
ومَـحَــضْـــتُ فــيــكَ الـــوُدَّ كـالإيـمــانِ
ورسـمـتُ طـيـفَـكَ في مـواردِ مقلتي
و زرعـتُ حـبَّــكَ فـي خـصـيـبِ جِـنــانـي
وكـتـبـتُ اِسـمـكَ فـي الفؤاد قـصيـدةً
وبــهـــا ابْـتــدأتُ تَــيَــمُّــنــــاً ديــوانـي
عُـقِــدَ الـلـســانُ بــه فـكـان حـديـثَــه
ونَـسَــجْــتُــه وَشْــيــاً عـلــى فـســتــانـي
* * *
ولَقـيـتُ فـيـكَ الروحَ تـعـتـنـق المُنى
فَـوَهَـبْـتُـهـا لـكَ فـي الـهـوى وكِـيــانـي
فَـمَـلَـكْـتَـنـي طَـوْعَ الـغـرامِ رَضِـيَّـةً
وسَــخِـرتُ فــيــكَ بِـذِلَّـتـي و هَــوانـي
فَـجَـحَــدْتَ آلاءَ الـوِصـالِ مـنــافـقــاً
و رَكِــبْــتَ نَــأْيـــاً زورقَ الــهِــجْــرانِ
وتـركـتَ مـيـنـائـي غــداةَ سَـئِـمْـتَــه
وهـجـرتَ إذْ سُــمـتَ الـحِـمــى شُــطـآنـي
فَـطَـعَـنْـتَـنـي غَـدْراً بـرُمحِ قَـطـيعَـةٍ
و رمــيــتَــنــي لـلـيــأس و الأحــزانِ
لَـكَـأنَّــه مــا ضَـمَّـنـا زمــنٌ مـعــاً
أوْ أنَّــنـــا لـــمْ نــجْــتَــمِـــعْ بــمــكــانِ
* * *
أَتُـــراهُ ضَــلَّ رسـائــلَ الـحَــرّانِ
أمْ تـاهَ عـنــهُ – و لـمْ يَـشَـأْ – عُـنـوانـي
وأنـا الـتـي .. مـاذا أقـول و حَـقِّــهِ
رُغْــمَ الـفـراقِ ضَـمَـمْـتُــه بـحَـنــانـي
فَـدَّيْـتُــهُ بـأبـي و أمـي والـحـيــا
ةِ نـعــيــمِــهــــا و الأهـــلِ و الــخُــلان
وخَـصَـصْـتُـه مِـنّي بِـأحلى الذكريـا
تِ و خَــصَّــنــي نَـسْــيــاً مـع الأزمــانِ
مـاذا أقـول و لـسـتُ أولَ زهــرةٍ
شُــمَّــتْ و آلَــتْ بــعـــدَهـــا لِــدُخــانِ
كــمْ وردةٍ ذَبُـلَـتْ قُـبَـيْـلَ أوانِـهــا
وذَبُـلْــتُ رُغْــمَ الـنَّـضْــرِ قـبـل أوانـي
لـمْ يـبـقَ لـي إلّا الـدمـوعُ مُـؤانِـســاً
ومَــرارةُ الــذِّكْــرى و عَــضُّ بَــنـانـي
م . نواف عبد العزيز
( أبو عبادة )
1983
تعليقات
إرسال تعليق