لعبة القدر بقلم الكاتب الصحفي نظير راجي الحاج


لعبة القدر...
_________________________________
زارني القدر، وقال لي:_
هو سؤال لك، كيف أنت والأصدقاء؟
قلت:_
عيون بعضهم ، لم تدمع لموتي..
كانت مثل عيون منزرعة بوجه كفيف.
وآذانهم لم تستمع لصوتي..
بل أنا من سمع قرع نعالهم، تتركني وتتجه للرصيف.
وأصواتهم لم تحرك صمتي...
كانت خافتة، كأنها صوت حفيف.

وكأن كل آذانهم جُذعت...
فلم أجد من أوشوشه ألمي.
وكأن يدي قد قُطعت..
وجيوبهم قد نسيت كرمي.
ومع هذا فالمحبة بقلبي زُرعت.
والود لم يشوشه ندمي!

قال القدر:_
يا لطيف!
كيف تحول ربيعك إلى خريف.؟
فأدار لك ظهره الوليف..
الذي طالما قاسمك الملح والرغيف.
فصار لك غريبًا بعد أن كان لك حليف.

ثم سالني ثانية:_
وماذا عن أصدقائك البقية من هذه الجردة؟
قلت:_البعض ما زال بيني وبينه محبة ومودة.
رغم بُعد المسافات، وتعارفنا كان قصير المدة.
هو الحب الحقيقي، من غير فلسفة ولا أجندة.
عرفتهم بوقوفهم معي بعد كل محنة وشدة..
قال :_خذ مني من الكلام الزبدة.
أحبَّ كل من بسط لبؤسك خدة.
وفرش لهمومك قلبه فرشة ومخدة.
وزرع في بستان قلبك وردة.
ولم يطعنك بالظهر، بكل صلف وحدّة.
ومن غير تقلب و رِدْة..
حيث يكون بالصبح شيئا وبالمساء ضده.

ثم اكمل...
يا نظير...
سأعرّفك على من حولك حتى يكون عندك بُعد نظر..
حياتك... مثل لعبة البلياردو، فيها الحكمة والعبر....
قلت:_كيف؟
قال:_أنت ستتقمص كرة بيضاء على طاولة البلياردو . وعلى بساطها ستلتف حول نفسك لتتقي شر البشر..
والآن أرى قلبك أبيضًا مثل هذه الكرة ، وناصعًا مثل نور القمر..
لكن يا صديقي وظيفتي أن أقذفك بالكرات الملونة وعلى بعد البصر..
سأعطيك فرصة، تأخذ وقتك، اجعل فيها الحذر..
ضربني بعصاه، فحضنت أصدقائي الذين كانوا مجتمعين بوسط الطاولة على وتر..
هربوا من أمامي، ووقفت في باحة طاولة البلياردو، وعيوني تقدح شرر..
استنجدت بهم:أصدقائي..أحبابي.. انقذوني.. أخاف أن يصيبني الضرر..
راحوا باختباء في جيوب الطاولة، صرخت بهم:_ لماذا المفر..!
لكن لا حياة لمن تنادي! فلم يقض لي أحدا منهم وطر..
الكل اختبأ في جيوب الطاولة،واعتبروها هي المقر..
واختفوا في جيوب النسيان وبلا أثر.
وقفت وحيدا.. كأني في مكان قفر...
يا إلهي..... الكثير منهم خان، والكثير غدر..
جاءني القدر ثانية وقال :_ لا تيأس.. ولا يكن عندك ضجر..
( أخذني القدر إلى لعبة البولينج..رأيت مخاريط خشبية، حسبتها خشبًا مسندة، كانت أيضًا
قلوبها بيضاء، إنهم بعض الأصدقاء، وقفت في كرتي التي تحمل همومي لأرمها تجاههم. ).
وقفوا ملتصقين ببعض كأنهم خفر..
قُذفَت كرتي تجاههم، فسقط الكل في حفر..
وهناك لم يختفوا، بل اجتمعوا، مثل قلادة من درر..
ثم خرجوا كطير الفنيق، من كل شيء قد اندثر..
ليقفوا معي، فعطاؤهم مثل عطر زهر..
ومثل تدفق نهر...
____
نظير راجي الحاج

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتب الاديب الأستاذ غسان أحمد ألظاهر قصيدة بعنوان الألق البهـي

كتب الشاعر علي أحمد أبو رفيع سقيم

كتب الدكتور صالح وهبة القصيدة بعنوان لغة العيون