كتب الكاتب والإعلامي وائل الحسني ويمضي قطار العمر
بقلمي الكاتب والإعلامي وائل الحسني
في إحدى محطات العمر سنجلس سوياً تحت النجوم نتحدث طويلاً عن جَمال وغرابة الصدفة التي جمعتنا معاً.. لا تعاتبيني على قلة سؤالي عنك صديقتي العزيزة .. إنّي في عالم غير عالمك.. عالما صنعته لنفسي بعيدا عن سماسرت الحروب وعن بلدي الذي شبع من القهر وتهجير و الحرمان انا اليوم أساير أيامي رغم ذلك القلق الذي يراودني بين حين واخر ... فلا يضيق صدرك ، ولا تظني بي ظن سوءٍ، وافسحي لي في الأعذار، فإني في عزلةٍ ربما تطول عزلة أجد فيها نفسي.. هل تذكرين ياصديقتي حين التقينا ذات المساء شتوي بارد كان رذاذ المطر يحوم حول معطفك وقطراته تتراشق مع خدك المتورد.. وكان البرد يقرص جسمينا كالسعات ابر النحل.. كنتُ معك دائماً خارج السرب ، لا أحد يعرف ما يدور في خلدي ، ألا أنتي.. لا أتعمق مع أحد ألا انتي ، ليس لي قضيةٌ أخرى وأرضٌ أخرى سواك .. أن الإنسان إذا وجد نفسه بين كل أولئك الناس الذين حوله لا يعني انتمائه لهم. فأحياناً تمرُّ حياةٌ كاملة يظن صاحبها أنه ينتمي لشيء ، وهو في الحقيقة وحيد بالكامل يؤلمني أن قلبي لا يتحمّل، وأن روحي ماعادت تتلهّف إلى شيء، وأن ابتسامتي لم تعد تحب الظهور حتى مجاملةً، تؤلمني الكثير من الأشياء من بينها فكرة أن أبدو ثابتًا من الخارج بينما اقاوم ألم فراقك صديقتي العزيزة.. كنتي كالنسمة البليلة التي تغمر اعشب روحي.. كنتي الزهرة البيضاء في سمائي.. برحيلك الغير معلن هاجرة طيور الوطن وعلن الربيع الذي خبرناه سوية رحيله... اعلم انكي لم تكُوني أبدًا انطوائية صديقتي العزيزة فقط كان لديك قناعة تامّة أنه لا جدوى من الاختلاط بأشخاصٍ لا يُشبهونك، لم تكوني تفضلين الصمت ولكنك كنتي تتمنين أن احارب من اجلك لأنتزع من فمك المتورد كلمة واحدة انك تحبينني ، بعدها فاليحترق العالم لا يعنيني بشيء.. نعم كنتي رقيقة، رقيقة لدرجة أن تُدققين في جميع التفاصيل فَتخدشك أقلّها وتُسعدك أبسطها، تتلعثمين إن نظرت لعينيك مُباشرةً وأنا اتكلم معك واحس انني بحر بهما إلى مواسيم أخرى ، نعم أنتي هادئة، هادئة جدًا تحملُ تعابير وجهك الطمأنينة لم تكُوني تركُضين لنيل إعجاب الجميع، طبيعتك كانت أجمل من ألف تصنُّع، كنتي تتمنين شيئًا واحدًا أن تكوني خفيفة على قلوب الناس مثلَ قطرات الندى على أوراق الأشجار ..
تعليقات
إرسال تعليق